﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (٧٦)
٧٦ - ﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً﴾ كيف تعبدون المسيح وتدعونه، وهو لم يملك أن يدفع الضرر عن نفسه ضد اليهود الذين كانوا يقصدونه بسوء، كما لم يملك إيصال النفع إلى صحابته أو أن يدفع عنهم ضرر الكائدين، فمن باب أولى أنه لا يستطيع إيصال الضرر أو النفع إلى أحد منكم، فكيف يكون إلها يعبد من لا يسمع دعاءكم ولا يعلم حالكم ﴿وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ولكن الله وحده هو الذي يسمع دعاء المستغيثين، فيرفع عنهم الضرّ إن شاء، لأنه العليم بأحوال عباده.
٧٧ - ﴿قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ﴾ لا تبتدعوا في دينكم من العقائد، كتأليه المسيح والتثليث، مما سبق ذكره بالآيات (٧٢ - ٧٣)، ﴿وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ﴾ القوم الذين ضلّوا من قبل، هم اليهود الهلنستيون الذين تبنّوا مسيحية بولس وقد انضبعوا بالفلسفة اليونانية، وأداروا ظهورهم للنصرانية، وعلى رأس هؤلاء بولس الذي كان يهوديا ثم صارت المسيحية الحالية تنسب إليه، فيقولون مسيحية بولس Pauline Christianity لأنه مؤسسها الحقيقي، ولأن المسيحية الحالية لم يعد لها علاقة ببعثة وتعاليم المسيح سوى أنهم جعلوا المسيح رمزا لها، ومن هؤلاء أيضا الإمبراطور قسطنطين الذي كان وثنيا يوناني التفكير هلنستي الثقافة، انظر شرح الآيات (١٤ و ٤٧)، ﴿وَأَضَلُّوا كَثِيراً﴾ من الناس، إما بالأوهام كما فعل بولس، وإما بالاضطهاد وقوة الجيش كما فعل قسطنطين، وهم أيضا يضلون الناس كثيرا بحملات التبشير التي تنفق عليها الكنيسة إلى اليوم مبالغ طائلة في كافة أنحاء العالم ﴿وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾ وهذا هو الضلال الثاني، أي بعد أن ضلّ اليهود