للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافة؟ ﴿فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ﴾ جعل أعمالهم وأفكارهم ونظرياتهم الفلسفية تبدو حسنة في نظرهم، وهي لا تعدو إنكار الآخرة والحساب والمسؤولية الفردية، كي يتصرفوا في الدنيا على هواهم ﴿فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ﴾ أي يوم القيامة، وأيضا هو وليّ كفار قريش اليوم أي وقت البعثة ﴿وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ العذاب مرتبط بسلوكهم الدنيوي كارتباط السبب بالمسبّب،

﴿وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اِخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٦٤)

٦٤ - ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ﴾ أي القرآن ﴿إِلاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اِخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ فليس من مبرر لمعارضتهم القرآن بل كان يجدر بهم، كما يجدر بذوي العقول السليمة في كل الأوقات أن يتقبلوه بصدر رحب لأن ما فيه يطابق العقل السليم، ما يمنع الاختلاف والتخبط في نظريات فاسدة ﴿وَهُدىً﴾ يبين طريق الهداية من الضلال ﴿وَرَحْمَةً﴾ الرحمة هي الوحي، انظر آية [هود ٦٣/ ١١]، لأنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ منفتحو الذهن الذين لديهم قابلية للإيمان، أما المكابرون والمعاندون، فأولئك لهم شأن آخر،

﴿وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ (٦٥)

٦٥ - بعد أن بينت الآيات السابقة أن الكفار والمشركين يريدون أن تسير الأمور على هواهم بالمطلق، لذا يخشون مواجهة مسؤولياتهم الأخلاقية فينكرون الآخرة والحساب، ويتخبطون بابتداع النظريات الفلسفية من عندهم، ينتقل الخطاب هنا في الآيات (٦٥ - ٨١) لبيان آيات الله الآفاقية وما فيها من الإعجاز المذهل ما يراه الغافلون أمورا بديهية مسلما بها:

﴿وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾ فما الذي يمنع بعث الإنسان بعد موته؟ ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ يسمعون سماع فهم وتفكّر،

<<  <  ج: ص:  >  >>