تسبّح ﴿مِنْ خِيفَتِهِ﴾ من عظمته وجلاله ﴿وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ﴾ ويصرفها عمّن يشاء، ومع كل ذلك: ﴿وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ﴾ خبط عشواء، بين كافر ومشرك، من دون حجة ولا يقين ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ﴾ شديد القوة والقدرة لا يعجزه أحد منهم.
١٤ - بعد بيان الآيات الباهرات تنقتل السورة إلى النتيجة الحتمية وهي أن دعوة الحق له وحده: ﴿لَهُ﴾ تعالى ﴿دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ لأن الله تعالى يدعى فيستجيب الدعوة ويعطي الداعي سؤاله - إن كان فيه مصلحة له - فهو تعالى حقيق أن يوجّه إليه الدعاء لما في دعوته من الجدوى والنفع، بخلاف ما لا ينفع ولا يجدي دعاؤه، ومن جهة ثانية فإن الحقّ هو الله تعالى فيحتمل المعنى أيضا:
له دعوة المدعو الحقّ الذي يسمع فيستجيب، لأن ما دونه من الآلهة باطل:
﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ الآلهة الذين يدعونهم الكفار ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ من دون الله ﴿لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ من طلباتهم ﴿إِلاّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ﴾ استجابة الآلهة لهم كاستجابة باسط كفيه إلى الماء يطلب منه أن يبلغ فاه ﴿وَما هُوَ بِبالِغِهِ﴾ فالماء جماد لا يشعر بالدعاء ولا ببسط الكف فلا يجيب الداعي ولا يبلغ فاه ﴿وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ﴾ في ضياع لا منفعة فيه ولا جدوى منه، فالكفار إن دعوا الله تعالى لم يجبهم، وإن دعوا آلهتهم فلا تقدر على شيء.
١٥ - ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ لأن السجود عبارة عن الانقياد والخضوع وعدم الامتناع، فكل من في السماوات والأرض من كائنات حية وجماد ساجد له تعالى بهذا المعنى شاؤوا أم أبوا لا يقدرون على الامتناع، والكافر منقاد له تعالى لا يقدر على دفع الموت عن نفسه