غيره عدلا له مساويا له في العبادة، - وفي هذه الحالة يكون تعلق الجار والمجرور بفعل يعدلون، أي يعدلون بربهم.
ومعنى يعدلون أيضا ينحرفون، فيضلّون عن الحق - فيكون تعلق الجار والمجرور بفعل كفروا -، ومغزى الآية تأكيد لحقيقة التوحيد لأن الله وحده - لا شريك له - خالق السماوات والأرض، وجاعل الظلمات والنور.
٢ - ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ قال الرازي: المشهور أن المراد منه أنه تعالى خلقهم من آدم وأن آدم كان مخلوقا من طين، وعندي - والكلام للرازي - أن الإنسان مخلوق من الأغذية التي تعود في منشئها إلى النبات، والنبات أصله من الطين، فثبت أن كل إنسان متولد من الطين - انتهى - وكلام الرازي قريب من النظريات العلمية الحديثة التي تقول بنشأة الإنسان من الطين، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ [المؤمنون: ٢٣/ ١٢]، ﴿ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ الأجل هو الوقت المضروب لانقضاء الأمد، والمقصود به أجل الموت أو القيامة أو كلاهما، فيكون تقدير الآية: ثم قضى أجلا، وهو أجل معروف عنده فقط ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ الامتراء هو الشك، والخطاب للكفار، أي بعد هذه البراهين الباهرة من خلق الإنسان من طين كيف تشكّون في البعث والخلق من جديد، ومن مغزى الآية تأكيد على حقيقة البعث، لأن الله الذي خلق الإنسان من سلالة من طين قادر على أن يبعث الإنسان من الطين مرة أخرى.
٣ - ﴿وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾ أي هو الله - وحده - ربّ السماوات والأرض ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ متّصف بكمال العلم الباطن والظاهر ﴿وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ﴾ يعلم ما تستحقون من الثواب أو العقاب على أعمالكم.