للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قلوبكم، فهو ملكة من العلم والحكمة تميّز بين الحق والباطل، فتمكّن من اتخاذ القرار الصحيح ﴿وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ﴾ يسترها في الدنيا ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ذنوبكم فيتجاوز عنها ﴿وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ بأنه يمنّ على المتقين بنعمة الفرقان، وتكفير السيئات وغفران الذنوب.

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ﴾ (٣٠)

٣٠ - بدأت السورة بخطاب النبي ، من (الآية ١) حتى (الآية ٦)، ثم انتقلت إلى خطاب المؤمنين، من (الآية ٧) حتى (الآية ٢٩)، فذكّرتهم بنعمه تعالى عليهم بنصرهم في بدر، وفي هذه الآية يعود الخطاب إلى النبي لتذكير المؤمنين بنعمه تعالى عليهم عندما تآمر كفار مكة على النبي قبل الهجرة:

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ﴾ أيها النبي ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في مكة قبل الهجرة ﴿لِيُثْبِتُوكَ﴾ ليوثقوك ويحبسوك ويأسروك ويمنعوك من نشر الدعوة ﴿أَوْ يَقْتُلُوكَ﴾ تآمرت قريش أن يشترك فتى من كل قبيلة بطعن النبي فيتفرق دمه في القبائل كي لا يستطيع بنو عبد المطلب المطالبة بدمه ﴿أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ من مكة، أي إنهم قلّبوا هذه الاحتمالات الثلاثة للتخلص من النبي : الحبس أو القتل أو الإخراج ﴿وَيَمْكُرُونَ﴾ المكر السيئ ﴿وَيَمْكُرُ اللهُ﴾ مكر الخير، لأن المكر، منه الحسن ومنه السيئ، لقوله تعالى ﴿وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر ٤٣/ ٣٥]، فالمكر هو التخطيط والتدبير الخفي لإيصال المكروه إلى الممكور به من حيث لا يحتسب، وكذلك وقاية الممكور له من السوء، ومنه دعاء النبي ربّه: «وامكر لي ولا تمكر عليّ»، ﴿وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ﴾ لأن مكره تعالى كلّه خير، ولا يعتدّ بمكرهم تجاه مكره سبحانه.

﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)

<<  <  ج: ص:  >  >>