٢٠ - ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ شرى الشيء يشريه باعه، والمعنى أنهم باعوا يوسف بثمن مبخوس ناقص عن القيمة نقصانا ظاهرا ﴿دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ قليلة ﴿وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ لأنهم التقطوه، والملتقط للشيء يتهاون به لا يبالي بقيمته، ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق ينتزعه من يده.
٢١ - ﴿وَقالَ الَّذِي اِشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لاِمْرَأَتِهِ﴾ وهو العزيز كما هو مذكور في الآية (٣٠)، ثم صار ذلك لقبا ليوسف بعد أن تولى الإدارة في مصر، الآيات (٧٨، ٥٥)، فالظاهر أنه لقب أكبر وزراء الملك، أو وزيره المفوض ﴿أَكْرِمِي مَثْواهُ﴾ أكرميه وأحسني معاملته فيما يتعلق بإقامته فلا يكون كالعبيد أو الخدم، قال ذلك لحسن فراسته في يوسف مستبشرا به، ثم علّل ذلك بقوله: ﴿عَسى أَنْ يَنْفَعَنا﴾ بالقيام ببعض شؤوننا أو شؤون الدولة، لما لاح له فيه من أمارات الذكاء والنباهة ﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً﴾ فيكون لنا قرة عين ويرث مجدنا ومالنا إذا صدقت فراستي في نجابته، وقد يفهم من ذلك أن العزيز كان عقيما لم يكن له ولد، فأمل أن تكون حسن العشرة والإكرام ليوسف سببا لاستكمال حسن استعداده الفطري ﴿وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ كما أنعمنا عليه بالسلامة من الجب كذلك، وعلى هذا النحو من التدبير والتسخير له أوصلناه إلى العزيز وعطفنا عليه قلبه وجعلنا ليوسف مكانة عالية في أرض مصر ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ﴾ كما هو مبين في الآية (٦)﴾، وهو الغرض من التمكين من علم وعمل ﴿وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ﴾ أي على كلّ أمر يريده ويقدّره فلا يغلب على شيء منه بل يقع كما أراد، لا دافع لقضائه وحكمه ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ أنّه تعالى غالب على أمره بل يؤخذون بظواهر الأمور كما هو حال أخوة يوسف الذين ظنّوا أن بإبعادهم يوسف تكون لهم