للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النظم في السورة]

﴿تبدأ السورة بإدانة من ينشغل بإيقاع الأذى في الآخرين بتتبّع عيوبهم بالهمز واللمز - سواء كانت هذه العيوب حقيقية أم وهمية - ويمشي بين الناس بالنميمة، وقالوا الهمزة: المستغيب غيره الطاعن فيه بغير حق، والعائب له بما ليس بعيب، واللمزة: الذي يعيب جليسه بسوء لفظه، والأصل فيهما الطعن بالغير وإظهار العيب حقيقيا كان أم وهميا بنتيجة الحسد والحقد: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ (١)

ومن صفات أمثال هؤلاء أن يكون ماديا متهالكا على جمع المال وتعداده أو يحسبه عدّة وذخيرة لنوائب الدهر: ﴿الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ﴾ (٢)

حتى يصبح تكديس المال عنده هدفا بذاته فيطول أمله وتزداد غفلته:

﴿يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ (٣)

في حين أنه على النقيض مما يتوهم من طول الأمل والإعداد للمستقبل فإنه بالنتيجة يحطم كيانه: ﴿كَلاّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ * نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ (٤ - ٧)، قال الألوسي إنّ الخطاب على سبيل المجاز فالنار تطّلع على الأفئدة التي هي مقر الذنوب فتعلم ما فيها وتجازي كلاّ بحسب ما يقتضيه من العذاب،

وقال هو كناية عن العذاب الروحاني الذي هو أشد أنواع العذاب: ﴿إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ (٨)، أي مطبقة ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾، لا يستطيعون منها فكاكا.

<<  <  ج: ص:  >  >>