للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهدناك وعرفناك حليما رشيدا، فكيف يليق بك مع حلمك ورشدك أن تنهانا عن دين آبائنا؟ وكيف تحظر علينا استغلال أموالنا بالشكل الذي نراه مناسبا؟ وهو مثال على التنازع بين المستغلين من رجال المال وبين دعاة الإصلاح.

﴿قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اِسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ (٨٨)

٨٨ - ﴿قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ﴾ أخبروني عن رأيكم ﴿إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ إن كنت على بيّنة عقلية ظاهرة منه تعالى، تبيّن الحق من الباطل (الآية ١٧)، ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً﴾ وهو أولا الرزق المعنوي بمعنى النبوّة والوحي، وثانيا الرزق الحسّي المادي ﴿وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ﴾ بل أفعل ما آمركم به وأنتهي عما أنهاكم عنه ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اِسْتَطَعْتُ﴾ بقدر طاقتي، بالبلاغ والإنذار، أما الإجبار والإكراه على الإيمان فلا أقدر عليه ﴿وَما تَوْفِيقِي﴾ للصواب ﴿إِلاّ بِاللهِ﴾ بحول الله وقوته، وليس بحولي ولا بقوّتي ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ وحده دون غيره ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أعود، فلا مرجع للخلق إلاّ إليه.

﴿وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ (٨٩)

٨٩ - ﴿وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي﴾ لا تكسبوا جرما نتيجة شقاقي، والشقاق شدة الخلاف التي تجعل أحد المختلفين في شقّ غير الذي يكون فيه الآخر ﴿أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ﴾ من عذاب الدنيا والآخرة بنتيجة تكذيبهم رسلهم ﴿وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ زمانا ومكانا.

﴿وَاِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ (٩٠)

٩٠ - ﴿وَاِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ من الشرك والفساد ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ من المعاصي، وكلما وقع منكم معصية ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ عظيم الرحمة للمستغفرين التائبين، كثير المودة لهم بإحسانه وكرمه ونعمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>