للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكّيم (نابلس) بيد ملك آشور سرجون الثاني عام ٧٢١ ق. م، ثم سقوط مملكة يهوذا بعاصمتها القدس بيد ملك الكلدانيين نبوخذ نصّر عام ٥٨٦ ق. م، ثمّ نفي اليهود إلى بابل الذي استمر قرابة خمسين عاما، ثم معاناتهم المريرة مئات السنين تحت حكم الفرس واليونان والرومان بعد عودتهم من النفي، ثم بعد أن رفضوا آخر أنبيائهم عيسى المسيح وحاولوا قتله تمّ إجلائهم عن فلسطين عام ٧٠ م على يد القائد الروماني تيطس قبل أن يصبح إمبراطورا، ثم تمّ تخريب معالم القدس والهيكل تماما وقتل وشرد من بقي من اليهود على يد إمبراطور روما هادريان عام ١٣٥ م، فكان ذلك بداية نفيهم وشتاتهم في أنحاء العالم، ثم كان نفيهم من جزيرة العرب بعدما حاربوا النبي وتآمروا عليه، ثم كانت معاناتهم قهر الأمم واضطهاد المسيحية لهم في أوروبة منذ ذلك الحين حتى العصر الحديث على يد النازيين، كل هذا الواقع يعتبر أيضا مصداقا لما جاء في [آيات [الإسراء ٤/ ١٧ - ٨]، ومصداقا لقوله تعالى ﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ﴾ [المائدة ١٣/ ٥] أي أبعدهم تعالى من رحمته، ولا عبرة بإنشاء دولتهم ولّم شمل عدد كبير منهم في فلسطين في العصر الحاضر فإن عذاب الله محيط بهم ما داموا على كفرهم ومعصيتهم، والعبرة أن يغير المسلمون ما بأنفسهم ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ﴾ للأمم التي تفسق عن أمره وتفسد في الأرض ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لمن تاب وآمن وعمل صالحا.

﴿وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (١٦٨)

١٦٨ - ﴿وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً﴾ أي فرقّناهم تفريقا شديدا، فهم مبعثرون في أنحاء الدنيا ﴿مِنْهُمُ الصّالِحُونَ﴾ كالمشار لهم في الآية (١٥٩)﴾ فلا يأخذهم تعالى بجريرة قومهم ﴿وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ﴾ دون منزلة الصلاح، ومنهم المغالون في الكفر بالأنبياء وفي الضلال والتعصب ﴿وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ﴾ أي إنه تعالى اختبرهم بالحسنات من مختلف النعم ترغيبا لهم، وبالسيئات من الشدائد للترهيب ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ إلى الصواب فيتوبون.

<<  <  ج: ص:  >  >>