١١٤ - ﴿قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ لم يكن فرعون في حالة تسمح له بالمساومة والتعجرف، فقد وجد في موسى تهديدا حقيقيا، ولذا أضاف إلى موافقته بإجزال الأجر للسحرة أن وعدهم بمناصب عالية في ملكه، وأن يجعلهم من المقربين إليه إن تغلبوا على موسى، فلما اطمأنوا لذلك خاطبوا موسى قائلين:
١١٥ - ﴿قالُوا يا مُوسى إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ تركوا الخيار لموسى، ربّما لشدة ثقتهم بمقدرتهم على التغلب عليه، فقد ظنوا أنه مجرد ساحر مشعوذ على شاكلتهم.
١١٦ - ﴿قالَ أَلْقُوا﴾ أراد موسى منهم أن يبدؤوا بإظهار قصارى مقدرتهم وسحرهم لكي يقوم بإبطاله بعد أن يكون الناس قد انضبعوا لما رأوه من فائق مقدرتهم ﴿فَلَمّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النّاسِ﴾ أي خيّلوا لهم خلاف الحقيقة قال تعالى: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى﴾ [طه ٦٦/ ٢٠]، ﴿وَاِسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ أوقعوا الرهبة في نفوسهم ﴿وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ بأن جعلوا الناس تعتقد بصحة ما أرادوه من تحول حبالهم إلى ثعابين.
١١٧ - ﴿وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ﴾ أي ألهمناه إلقاء العصا ﴿فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ﴾ الإفك اسم لما يؤفك أي يصرف ويحوّل عن شيء إلى غيره، فهو قلب الشيء عن وجهه، ويستعمل في التلبيس وقلب الحقائق، ومنه