﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ (١٣)، وفي ذلك عودة لموضوع (الآية ٣)،
﴿وأنّ تفرق أتباع الأديان السماوية طوائف وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون، سببه البغي وحب الدنيا والتعصّب للأفكار المتوارثة وعدم الاستفادة من حرية الفكر التي أكرمهم بها تعالى بأن أجّل القضاء بينهم إلى يوم الدين، حتى أن الذين توارثوا التوراة والإنجيل بعد موسى وعيسى وصلوا إلى حد التشكيك بالوحي: ﴿وَما تَفَرَّقُوا إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ (١٤)، انظر أيضا آية [المؤمنون / ٥١٢٣ - ٥٢].
فلذلك لزم الدعوة إلى التوحيد، مع الاستقامة والقدوة الصالحة في العمل، والإيمان بالأنبياء والعدل بين الناس والتسامح، والتأكيد بأن المسؤولية فردية فكل إنسان يحاسب على عمله، واستبعاد التشنج الفكري، والإيمان أن الفصل بين الناس يكون يوم الحساب: ﴿فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاِسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ (١٥)،
أما الكفار الذين يحاجّون في رسالات الله بالباطل، أو في صفاته وأسمائه ممّا هو في علم الغيب، ويجادلون المؤمنين المستجيبين لله ورسوله ليصرفوهم عن سبيل الهدى فإن جهودهم تذهب سدى، وتؤدي بهم إلى أسوأ العواقب: