للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠ - ﴿لكِنِ الَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ عودة إلى المشار إليهم بالآيات (١٧ - ١٨)، ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ وصف الجنة بالمعهود من الدنيا ﴿وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ﴾ فذلك من المحال عليه تعالى.

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ (٢١)

٢١ - ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ أيها الإنسان، وعلى الأخص الإنسان الجاحد المشار لأمثاله بالآيات (١٥ - ١٦)، ﴿أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ إشارة لدورة الماء في الطبيعة ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً﴾ أحيا النبات من العدم ثم جعله حطاما بانتهاء دورته ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ في إنزال المطر وإحياء النبات ثم جعله حطاما ﴿لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ لأن أولي الألباب من أصحاب العقول السليمة الخالصة من شوائب الخلل والتقليد يتذكّرون من هذا المثل حال الدنيا وقصر لبث الإنسان فيها فلا يغترون ببهجتها ولا يفتنون بها.

﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (٢٢)

٢٢ - ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ من ذوي الألباب المشار إليهم في الآية المتقدمة، ومعنى شرح الصدر الإراحة من الهمّ والغمّ، وبالمقابل فالعرب تسمّي الغمّ والهمّ ضيق صدر، والمغزى أن إقبال المرء على الإسلام يرافقه إزاحة الغمّ والهمّ من الصدر ﴿فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ لأن المرء يصبح على يقين من أمور الدنيا والآخرة، وتتمة الخطاب محذوف وتقديره: إن الذي انشرح صدره للإسلام ليس كمن بقي يتخبط في الظلام ﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ﴾ الذين إذا قرئ عليهم القرآن اشمأزوا واستكبروا وازدادت قلوبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>