﴿ثم تبين السورة سبب استكبار المستكبرين عن فهم القرآن، وبالتالي عن الإقرار بالآخرة، بأنه التهالك على الدنيا العاجلة: ﴿كَلاّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ﴾ (٢٠)
والتعامي عن الآخرة: ﴿وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ (٢١)
يوم تكون وجوه المؤمنين ناضرة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ (٢٢ - ٢٣)
وتكون وجوه الكفار من يأسها شديدة العبوس: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ﴾ (٢٤)
وقد أيقنت بأن تقع بها داهية تكسر فقار الظهر: ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ﴾ (٢٤ - ٢٥)
ثم تتحداهم السورة أن لو كان استكبار المستكبرين في محلّه أن يمنعوا خروج الروح من صاحبها وهو على فراش الموت: ﴿كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ﴾ (٢٦) والتراقي جمع ترقوة وهي عظم الكتف، والكناية بها عن القرب من الموت،
فأي رقية تفيدهم في دفع الموت؟ ﴿وَقِيلَ مَنْ راقٍ﴾ (٢٧)
مع يقين المرء وقتئذ أنه مفارق الدنيا: ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ﴾ (٢٨)
وهو يعاني من سكرات الموت وشدته: ﴿وَاِلْتَفَّتِ السّاقُ بِالسّاقِ﴾ (٢٩)
حتى يصير إلى ربّه: ﴿إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ﴾ (٣٠)
وماذا تفيده التوبة والإيمان بعد المعاينة، فقد كان في حياته مكذّبا: ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى * وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى﴾ (٣١ - ٣٢)
مصرّا على الكبر في أهله وعشيرته معتدّا بحوله وقوّته: ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطّى (٣٣)﴾، ظانّا أنه مكتف ذاتيا بما عنده من العلم غنيّ عن الوحي الإلهي،