منهم فقط، وحرّموه على الإناث ﴿وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ﴾ إن ولد الجنين ميتا يأكلون منه جميعا، الذكور منهم والإناث ﴿سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ﴾ سيجزيهم وصفهم الكذب على الله تعالى، أي التحريم والتحليل من عندهم، وهو كقوله جلّ ثناؤه ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ﴾ [النحل: ١٦/ ٦٢]، أي في إطلاق الأحكام بغير علم ﴿إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ حكيم وحده في تشريع الحلال والحرام، فلا يجوز لغيره أن يتخذ لنفسه هذه السلطة، وهو عليم بصالحهم.
وقد ذكر الألوسي في روح المعاني استدلال البعض من الآية أنه لا يجوز الوقف على الأولاد الذكور دون الإناث، وأن مثل ذلك الوقف يفسخ ولو بعد موت الواقف لأنه من فعل الجاهلية، واستدل بعض المالكية على مثل ذلك في الهبة، وعن عائشة ﵂ أنّها قالت: يعمد أحدكم إلى المال فيجعله للذكور من ولده، إن هذا إلا كما قال تعالى: ﴿خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا﴾.
١٤٠ - هذه الآية تبين نتيجة من يحلّون ويحرّمون من عندهم، ويقتلون أولادهم، والنتيجة هي الخسران، والضلال، وعدم إمكان الاهتداء: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ﴾ كانوا يقتلون الأولاد ويئدون البنات (الآية ١٣٧) خوف السبي والعار أو الفقر، والخسارة كبيرة فهي تشمل خسارة الأولاد أنفسهم، وخسارة لعاطفة الأبوة والأمومة، وخسارة الدين وسوء العاقبة ﴿سَفَهاً﴾ لخفة عقلهم ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بغير علم يقيني يبرر فعلتهم ﴿وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ﴾ من الأنعام المذكورة آنفا ﴿اِفْتِراءً عَلَى اللهِ﴾ ابتدعوا التحريم من عندهم ونسبوه إلى الله ﴿قَدْ ضَلُّوا﴾ عن الطريق السوي، في الدين والدنيا ﴿وَما كانُوا مُهْتَدِينَ﴾ إلى الحق والصواب، وما كان لهم أن يهتدوا إلى الصواب ما بقوا على هذه الحال من التمسّك بالجهالة، ومبتدعين للأحكام الفاسدة ومعجبين بها.