والسكون، كما في قوله تعالى ﴿فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح ٤٨/ ٢٦]، أي أنّ علامة ملكه تكون في نزول السكينة على قلب كلّ منهم ﴿وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ﴾ بما أنّ الأنبياء لا يورّثون سوى الدين والشريعة، فتكون البقية هي الدين والشرائع التي ورثها أجدادهم عن موسى وهارون، تتنزّل بها الملائكة عليهم، والمعنى أن تنتظم أمور دينهم وشرعهم بعدما ضلّوا عن شريعة موسى وهارون ودخلت فيهم العادات الوثنية، وانتشر فيهم الفساد ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ تلك هي المعجزة الباهرة، إن كنتم مؤمنين بدلالتها، أمّا أقوال بعض المفسّرين عن كون التابوت صندوقا يحتوي على التوراة وعلى عصا موسى، فيرى محمد أسد أنها منبثقة من أساطير تلمودية لا تستند على أساس، والمعلوم أن الكثير من كتب اليهود التي بين أيدينا كتبت في وقت متأخر بعد وقوع الأحداث بزمن طويل، فالكثير منها كتب خلال فترة الأسر البابلي أي بعد داوود وسليمان بحوالي ست مئة عام، ومنها ما كتب بعد ذلك، والتلمود كتب بعد بعثة المسيح ﵇.
٢٤٩ - ﴿فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ﴾ بعدما أذعنوا لملكهم الجديد غادر البلدة بهم للقاء العدو فقال ﴿قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ مبتليكم أي مختبركم، وابتلاء الناس يكون بظهور الشيء فالله تعالى لا يثيب ولا يعاقب الناس بعلمه المسبق عنهم، ولكن بظهور الأفعال منهم، وذلك لا يحصل إلاّ بالتكليف، ولذا سمّي التكليف ابتلاء ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاّ مَنِ اِغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ﴾ التكليف كان عدم الشرب من