٢٠٤ - ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ الآية عامة في كلّ من له آراء جذّابة ظاهريا في أمور الحياة الدنيا ويتمتع بالخلابة اللسانية ﴿وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ﴾ يدّعي الصدق وحسن النية، ورغبة في الصلاح العام، في حين أنّه طالب دنيا فقط، ويهدف لصالحه الذاتي ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ﴾ شديد الخصومة والجدل بالباطل، يفحم خصومه باستخدام حجج ظاهرها الصلاح وحقيقتها الضلال، ويدعو إلى «مباديء أخلاقية» من ابتكاره، وهنالك علاقة واضحة بين هذه الآية والآيات (٨ - ١٢) من هذه السورة.
٢٠٥ - ﴿وَإِذا تَوَلّى﴾ إذا تولّى بعض أمور الناس وحصلت له القيادة أو السيطرة بشكل كامل أو بشكل جزئي ﴿سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها﴾ الإفساد بسوء الخلق وعن طريق إدخال الشبهات في قلوب المسلمين والابتعاد عن الشرع، بغضّ النظر إن كان ذلك بنيّة مبيّتة ضد الدين، أم للصالح الشخصي فقط ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ﴾ الحرث هو الزرع أو نتاج الزرع وهو بمعنى المال، والمراد أنّه يخرّب النظام الاقتصادي، والحرث أيضا بمعنى النساء لقوله تعالى ﴿نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [البقرة ٢/ ٢٢٣]، والنسل هو الذريّة، فيكون الإفساد بتخريب النظام الاقتصادي والنظام العائلي، وبالتالي تفتيت النسيج الاجتماعي بأكمله، لأنه حالما يتم القبول بالمعايير الفاسدة كأساس للسلوك الاجتماعي، يكون ذلك بداية حتمية لانتشار التفسخ الخلقي وتفكّك المجتمع.
٢٠٦ - ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُ اِتَّقِ اللهَ﴾ من قبل ناصح يحاول ردعه عن الغي ﴿أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾ أخذته الحميّة الجاهلية والكبر لما في قلبه من التكبر،