للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده المتصرف بالعباد والخلق، ومثال الفلك ينطبق اليوم على أنواعها من بواخر وغواصات وطائرات،

﴿فَلَمّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٢٣)

٢٣ - ﴿فَلَمّا أَنْجاهُمْ﴾ مستجيبا دعاءهم ﴿إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ البغي: الظلم والعدوان والإفساد، والمعنى أنهم على النقيض من دعائهم وقت الشدة أن يكونوا شاكرين لأنعم الله، انقلبوا، بعد نجاتهم، إلى البغي في الأرض ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ مع علمهم أنهم على غير الحق ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ﴾ وهي قاعدة عامة، في كل زمان ومكان، أنّ البغي يعود على صاحبه بسوء العاقبة ﴿مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ تتمتّعون ببغيكم متاع الحياة الدنيا فقط ﴿ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ﴾ في الآخرة، وقد نذيقكم عذاب الدنيا قبل الآخرة ﴿فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من مفاسد ومظالم، فتلاقون جزاءها،

وفي الحديث: «ما من ذنب أجدر أن يعجّل لصاحبه العقوبة، من البغي وقطيعة الرحم» و «أسرع الخير ثوابا البرّ وصلة الرحم، وأسرع الشرّ عقوبة البغي وقطيعة الرحم».

﴿إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَاِزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢٤)

٢٤ - لما كان سبب مكر الناس في الآيات، (الآية ٢١)، وسبب بغيهم وإفسادهم، (الآية ٢٣)، هو إفراطهم في حب الدنيا وتهالكهم عليها، ضربت السورة مثلا عن الحياة الدنيا، منعا للغرور بها، وموعظة للاعتدال بها وبمواردها، ولاجتناب التوسل إليها بالبغي والظلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>