تبدأ السورة بآية البسملة ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ (١)، أي نبدأ باسم الله، ونظيره قوله تعالى على لسان نوح: ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها﴾ [هود ١١/ ٤١]، وقوله تعالى على لسان سليمان: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل ٢٧/ ٣٠]، لأن الله تعالى هو القوة الوحيدة الحقيقية المهيمنة على كل شيء، فلذا وجب البدء باسمه، باعتباره تعالى مصدر التكوين والتشريع،
ويلاحظ أن آية البسملة ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ في سورة الفاتحة جزء منها، بالمقارنة مع بقية سور القرآن الكريم التي تفتتح بالبسملة، سوى سورة التوبة التي لا تفتتح بها، لأنها لم تنزل معها كما نزلت مع غيرها من السور، واستنتجوا من عدم بداية سورة التوبة بالبسملة دليلا آخر على أنها آية مستقلة بذاتها، لكون بعض الناس يتنازعون في كون ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ آية من القرآن الكريم أم لا.
﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (٢)، الله تعالى مستحق الحمد على إيجاده لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ [مريم ١٩/ ٩]، ولقوله تعالى: ﴿هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً﴾ [الإنسان ٧٦/ ١]، كما هو مستحقّ الحمد على نعمائه، لقوله: ﴿وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ﴾ [النحل ١٦/ ٥٣]، وهو غنيّ عن شكر الشاكرين وحمد الحامدين، غير أنّه مستحق الحمد