﴿قَبْلُ﴾ الذين كفروا من قبلهم هم اليونان الذين عبدوا آلهة وسلالة آلهة من ابتداعهم، وقد أثّرت الثقافة اليونانية الهلنستية في اليهودية والمسيحية تأثيرا كبيرا وأدخلت فيهما الكثير من الأفكار الوثنية، وكان شائعا عندهم تأليه القادة والأباطرة بمن فيهم الإسكندر الكبير وقد عبدوه بعد موته، كما جعل الرومان من يوليوس قيصر إلها وجعلوا خليفته الإمبراطور أغسطس ابن الإله، فلم يكن مستغربا لمثل هذه العقلية أن تؤلّه المسيح ﴿قاتَلَهُمُ اللهُ﴾ بالمعنى المجازي، ومعناه لعنهم الله ﴿أَنّى يُؤْفَكُونَ﴾ كيف يصرفون عن الحق إلى الباطل بعد وضوح الدلائل والبراهين.
٣١ - الآية شرح لقوله تعالى عن أهل الكتاب إنهم لا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق: ﴿اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ﴾ الأحبار والرهبان هم رجال الدين عند اليهود والنصارى، اتخذهم اليهود والنصارى أربابا من حيث طاعتهم لهم في التحليل والتحريم، ويقال من حيث المجاز إن فلانا يعبد فلانا إذا أطاعه طاعة مطلقة في الأوامر والنواهي، وليس المقصود أنه يعتقده إلها، وهو التفسير المأثور عن النبي ﷺ، ولأن الأحبار والرهبان اتخذوا القرارات الوضعية بتأليه المسيح ﵇ ﴿وَالْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ﴾ اتخذوه إلها، وابن إله، كما قررته مجمعاتهم الكنسية المسكونية وكان أولها مجمع نيقية عام ٣٢٥ م في آسيا الصغرى، راجع شرح آية [آل عمران ٦٤/ ٣]، والنتيجة أنهم يقبلون بقرارات وأقوال الأحبار والرهبان الوضعية في حين لا يقبلون أصل الوحي، وقد نعى الرازي ما يشبه ذلك على بعض فقهاء المسلمين أيضا، فقال:
قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين ﵁، ويحتمل أنه يقصد بشيخه والده عمر ضياء الدين، أو شيخه البغوي: "قد شاهدت جماعة