بسبب حرج كالمرض أو المشقة أو الضرر، أو ندرة وجود الماء ما يجعله كالمفقود ﴿صَعِيداً طَيِّباً﴾ الصعيد هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره، والطيب هو النظيف الطاهر ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ تفصيل لكيفية التيمم وهو أمر تعبدّي محض، الحكمة منه إبداء إذعان المرء وخضوعه لله تعالى، وقد ورد أيضا في آية [النساء: ٤/ ٤٣]، ﴿ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ أي فيما شرعه لكم من أحكام الطهارة وغيرها من الأحكام، والحرج هو الضيق والمشقة فيما ضرره أكبر وأرجح من نفعه، مثل وضوء المريض إن كان الماء يضرّه، وإلقاء النفس إلى التهلكة بسبب الامتناع عن سد الرمق بطعام محرّم، وقد رأى الشيخ محمد رشيد رضا أن ربط كل ما لا نصّ فيه بآراء الفقهاء يوقع المسلمين بأشد الحرج والعسر في أمور دينهم حتى صار ذلك مبررا للكثيرين منهم للابتعاد عن حظيرة الدين.
﴿وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ بالتيمم، وحيث إن التيمم لا يفيد شيئا في النظافة الجسمية فيكون المقصود طهارة القلب بالامتثال لأوامر الله وطاعته، وكما أن إزالة النجاسات الجسمانية تعتبر طهارة جسمية، فكذلك إزالة العقائد والأخلاق الفاسدة تعتبر طهارة نفسية، ولأن الكفر والمعاصي نجاسة للنفوس، وهو معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٩/ ٢٨]، ﴿وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾ بتشريع ما فيه مصلحتكم، وبالتيسير عليكم في أمور الدين ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لأن الشكر هو لمنفعة العبد، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ [لقمان: ٣١/ ١٢].