للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صونا لنفوسهم من القتل أو التعذيب لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وبالمقابل تبين الآيات (١٠٧ - ١٠٩) حال من باع آخرته بدنياه:

﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ﴾ فانحرف من موقع الحق إلى موقع الباطل ﴿إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ﴾ من كان كفره ظاهريا بسبب القسر والتهديد والتعذيب، فلا يؤاخذه الله تعالى عليه، لأن القلب بقي مطمئنا بالإيمان ﴿وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً﴾ من انشرح صدره للكفر ﴿فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ لأنهم ارتدّوا عن الإسلام تفضيلا لدنياهم على آخرتهم، رغم قناعتهم الداخلية بصحة الرسالة الإسلامية،

﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اِسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾ (١٠٧)

١٠٧ - ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اِسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ﴾ استسلموا لإغراءات الكفر وامتيازاته وشهواته، وفضّلوا دنياهم على آخرتهم، وحاضرهم الفاني على مستقبلهم الذي لا يفنى ﴿وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾ مضت سنته تعالى أن يترك أمثال هؤلاء لخيارهم الحر بسبب خبث سرائرهم ونفوسهم فلا يقسرهم على الهدى،

﴿أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ﴾ (١٠٨)

١٠٨ - ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ﴾ نسب تعالى الطبع إلى ذاته العليّة، مع أن ذلك كان بنتيجة خيارهم الحر، والسبب أنّ الله تعالى هو الذي أوجد السنن في الخلق بأنّ من يعتاد سلوك الطرق المنحرفة، واتخاذ الخيارات الخاطئة، يكون كمن طبع على قلبه وسمعه وبصره، وليس أن الله تعالى طبع عليهم ابتداء، انظر آية [البقرة ٧/ ٢]، ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ﴾ عن حقائق الأمور،

<<  <  ج: ص:  >  >>