للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قبل عن تعاليم المسيح، ضلّوا أيضا عن تعاليم البعثة الإسلامية، لأن الإسلام هو سواء السبيل، أي السبيل المعتدل الوسط، الذي لا غلوّ فيه ولا تفريط.

﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ﴾ (٧٨)

٧٨ - ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ﴾ وهذا اللعن مذكور في كتبهم، انظر مزامير داود (٧٨/ ٢١ - ٢٢، ٣١ - ٣٣)، ﴿وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ﴾ انظر (سفر متّى ١٢/ ٣٤ و ٢٣/ ٣٣ - ٣٥)، والآية استمرار الخطاب لأهل الكتاب، والمعنى: لا تتبعوا أهواء القوم الذين ضلّوا من قبل فهم قد لعنوا على لسان داود وعيسى ﴿ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ﴾ سبب لعنهم هو عصيانهم الأنبياء، وعدوانهم على الشريعة بما أدخلوه عليها من الغلوّ، ثم بيّن تعالى ما أدّى بهم إلى المعصية والعدوان بقوله:

﴿كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (٧٩)

٧٩ - ﴿كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ﴾ كانوا وما زالوا يشهدون الضلال ويسكتون عنه، بل يقرّون به ﴿لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ فسوف يلحق البؤس بهم، لأن الضلال والفساد في الأمّة يبدأ عادة بأقلية محدودة، فإذا لم يقف الرأي العام في وجه الأقلية المفسدة، واكتفى بموقف المتفرج، سرعان ما يستشري ويلحق ضرره بالمجتمع ككلّ.

﴿تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ﴾ (٨٠)

٨٠ - ﴿تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ لأنّ اليهود بعد أن عصوا داود وعيسى ، تحالفوا مع الوثنية اليونانية - الهلنستية - ضد النصرانية، ثم تكرر ذلك منهم وقت البعثة الإسلامية إذ تحالفوا مع مشركي العرب ضدّ خاتم الأنبياء والرسل محمد ، ولا يزال يتكرر ذلك منهم عبر

<<  <  ج: ص:  >  >>