الحق لما استطاعوا أن يظهروا علينا، والمعروف أن الدعاء لا يصح ولا يقبل فيستجاب إلا إذا كان مسبوقا أو مقترنا باتخاذ الأسباب، بأن يعمل المرء ما يستطيع، ويطلب من الله أن يسخر له ما لا يستطيع.
٨٦ - ﴿وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ﴾ أي من سلطانهم وحكمهم، وقد لاحظ الرازي في ترتيب الدعاء أنّهم قدّموا اهتمامهم بأمر دينهم (٨٥) على اهتمامهم بأمور دنياهم (٨٦).
٨٧ - ﴿وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّء ا﴾ اتّخذا ﴿لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً﴾ يجتمع فيها المؤمنون، بدليل قوله: ﴿وَاِجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ أي الجهة التي يقبل عليها الناس لأنّ القبلة من الإقبال، والمغزى أن تكون بيوتهم مركزا للدعوة الجديدة، أو أن يقبل عليها المؤمنون للتجمع استعدادا للخروج من مصر كما سيرد في الآية (٩٠) ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ للدعاء ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بحصول مقصودهم.
٨٨ - ﴿وَقالَ مُوسى﴾ بعد أن بذل قصارى جهده في الدعوة ويئس من هداية فرعون وملئه، ولما علم ذلك من الوحي: ﴿رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ قرئت ﴿لِيُضِلُّوا﴾ بضم الياء وفتحها، وقالوا أنّ اللام لام العاقبة بمعنى أن عاقبة الزينة وكثرة الأموال عند فرعون وملئه لم تكن سوى الضلال والإضلال، والكبر والخيلاء، إذ أمكنتهم من إخضاع رقاب الناس وإفسادهم ﴿رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ﴾ طمس الأموال