٩٨ - ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ يتقدّمهم لأنه كان قدوة لهم في الضلال ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ﴾ بلفظ الفعل الماضي لتحقق وقوعه قطعا، فلا سبيل إلى دفعه البتة ﴿وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾ تشبيه الورود إلى الماء عند أهل البادية بالورود إلى النار بدلا من الماء.
٩٩ - ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ﴾ الدنيا ﴿لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ أي هم محرمون من رحمة الله في الدنيا والآخرة ﴿بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ لأن اللعنة في الدنيا رفدها العذاب في الآخرة.
وتبدو العبرة من قصة موسى في الآيات (٩٦ - ٩٩) واضحة، إذ هي مثال لقوله تعالى في الآية (٥٩): ﴿وَاِتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ﴾، والمعنى أنّ التابعين، في كل زمن، والخاضعين لسلطة أعلى منهم يتحملون مسؤوليتهم الفردية، ولا يعفيهم أنهم اتبعوا الرؤساء والزعماء بشكل أعمى، ومن ثمّ يتحملون عواقب أعمالهم على قدم المساواة مع زعمائهم، وهذه إشارة غير مباشرة إلى ما يتمتع به الإنسان من الحرية الفردية ومن ثمّ مسؤوليته في اختيار طريق الحق من الضلال، وبهذه العبرة الهامة، تختتم في هذه السورة قصص الأنبياء مع أقوامهم الذين اختاروا العمى على الهدى.
١٠٠ - ﴿ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى﴾ أي من أنباء بعض المجتمعات البشرية، و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض، لأنه لا يقصد من قصص القرآن الكريم أن تكون تأريخا كاملا للأمم والمجتمعات المذكورة في تلك القصص ﴿نَقُصُّهُ عَلَيْكَ﴾ لإبراز عبر معينة من أنبائها، ولبيان أنماط منوعة من تجاوب بعضها مع الوحي الإلهي ومع الآيات المحيطة بهم، والعواقب التي آلوا إليها نتيجة أعمالهم: ﴿مِنْها قائِمٌ﴾ لا تزال آثارهم قائمة، وهي خاوية على عروشها، كما هي آثار ثمود ﴿وَحَصِيدٌ﴾