للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَبِهُداهُمُ اِقْتَدِهْ﴾ أيها المسلم، أو أيها السامع، اتّبعهم، وليكونوا قدوة لك في الإيمان الصحيح والتوحيد والعمل الصالح ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ لأن تبليغ الدعوة من واجب المسلم لكون القرآن ذكرى للعالمين: ﴿إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ﴾ القرآن تذكير بالحق للناس أجمعين، وليس لقوم أو أقوام دون آخرين.

﴿وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ (٩١)

٩١ - ﴿وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ وهم منكرو النبوّة - بدليل تتمة الآية - في مقابلة الذين هدى الله المشار إليهم في الآية السابقة، لم يعرفوا الله تعالى حق المعرفة بإنكارهم تسلسل النبوات ونزول الوحي على بني آدم، فاليهود أنكروا نبوة كلّ من عيسى المسيح والنبي عليهما الصلاة والسلام، والمسيحية أنكرت بعثة النبي ﴿إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ قالوه تهكّما وإنكارا للوحي الذي نزل على النبي ، فهم يزعمون أن الهداية مقتصرة عليهم ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ﴾ إن زعموا استحالة نزول الوحي على بشر فكيف بتصديقهم نزول الوحي على موسى؟ ﴿تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً﴾ بدلا من أن تكون التوراة نورا وهدى في حياتكم العملية، فقد جعلتم منها مجرّد أوراق وشكليات وللتبرك فقط، وجعلتم الدين جنسية وعصبية، ولم يترتّب على التوراة شيء إيجابي في سلوككم، إذ تعملون بالقليل منها، وتظهرون هذا القليل للتستر بالدين، وكذريعة لتبرير مآربكم وأفعالكم، وتتجاهلون وتخفون عن أنفسكم الكثير الباقي ممّا لا يناسب أهواءكم وأطماعكم المادية الدنيوية، عدا عن تلاعبكم بالتوراة وتحريفها

<<  <  ج: ص:  >  >>