٧١ - هذه الآية والآيات التي تليها حتى الآية (٩٨)﴾، تذكر بعض العبر المتعلقة بموضوع هذه السورة من قصص ثلاثة أنبياء نوح وموسى ويونس، وهي متصلة بقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمّا ظَلَمُوا﴾ (الآية ١٣)، وقوله تعالى ﴿وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنًّا﴾ (الآية ٣٦)، وقوله تعالى ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ (الآية ٤٧)، وقوله تعالى ﴿وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ﴾ (الآية ٦٦)، ثم هي استمرار مباشر للآيتين (٦٩ - ٧٠) التي قبلها بأن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، وهذه هي المرة الثانية في ترتيب السور التي ترد فيها قصة نوح موجزة، بعد أن وردت ملخّصة في سورة [الأعراف ٥٩/ ٧ - ٦٤] وكما هي العادة يلاحظ إبراز عبر جديدة من القصة لم ترد في غيرها من السور، راجع شرح [الأعراف ٦٤/ ٧]:
﴿وَاُتْلُ﴾ أيها النبي ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أي على المشركين ﴿نَبَأَ نُوحٍ﴾ أي بعض خبره، لما فيه من العبر من عدم فلاح المفترين وكون ما يتمتعون به من الدنيا مقارب للفوات وأن أمثالهم مشرفون على الشقاء الأبدي، وليعلموا سنّته تعالى في نصر رسله على المكذّبين ﴿إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي﴾ وجودي بينكم ﴿وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ﴾ إن كانت إقامتي بينكم شاقة وثقيلة الظلّ بعد أن مكثت بينكم قرابة ألف سنة إلا خمسين عاما، أعظكم خلالها وأدعوكم لعبادة الله وحده ﴿فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ﴾ وهو أول جواب من نوح على سلوكهم لأن شدة نفرتهم منه قد تحملهم على إيذائه وأنه بالمقابل يدفع هذا الشر منهم بالتوكل على الله، والواضح من خطاب نوح أنّه قد طال به الأمد في دعوة قومه كل هذه المدة بلا جدوى بسبب شدة اعتيادهم على طرقهم ومذاهبهم الفاسدة وتشنّجهم في التمسك بها، ويبدو أنّ من ألف طريقة