٧٥ - ﴿وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً﴾ وهم الرسل الذين بعثوا إليهم ﴿فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ﴾ أيها الأمم، بما ضللتم وما زعمتم من الشرك والشركاء في دنياكم ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلّهِ﴾ إنّ الله وحده الحقيقة المطلقة، وكلّ ما عداه من إيجاده وخلقه ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ من الأوهام التي ابتدعتها عقولهم، وما كانوا يتّكلون عليه من الثروات والسلطات الدنيوية، كما هي الحال في قصة قارون بالآيات (٧٦ - ٨٢).
﴿إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ (٧٦)
٧٦ - ﴿إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى﴾ من بني إسرائيل ﴿فَبَغى عَلَيْهِمْ﴾ تكبّر وتجبّر ﴿وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ العصبة: الجماعة الكثيرة، وهي على كثرتها وقوّتها، تنوء بحمل مفاتيح كنوزه، أي لا تستطيع النهوض بها لثقلها، فضلا عن النهوض بالكنوز ذاتها ﴿إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ﴾ لا تفرح بثروتك فرح البطر ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ بزخارف الدنيا وزينتها، المتمسّكين بما يلهيهم عن أمر الآخرة.
لكنّ أبا مسلم الأصفهاني رأى أنّ المقصود من المفاتح: العلم والإحاطة، والمراد بما آتيناه من الكنوز ما إنّ حصرها وحفظها ليصعب على العصبة أولي القوة والهداية، أي هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها تتعب حفظتها والقائمين عليها أن يعلموا بها، ويحيطوا بكمياتها، فضلا عن حفظها.