للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق والاستقامة، ومن ذلك إطلاق أسماء الله تعالى على الأوثان مثل اللات والعزى ومناة، اشتقوها من الله والعزيز والمنّان، ومن ذلك أيضا تسميته تعالى بما لا يجوز كزعمهم أنه الأب أو الإبن ﴿سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ دعوا الذين يلحدون في أسماء الله فإنهم سوف يلقون جزاءهم إن في الدنيا أو في الآخرة.

﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ (١٨١)

١٨١ - ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾ يهدون الناس بالحق ﴿وَبِهِ﴾ بالحق ﴿يَعْدِلُونَ﴾ في التعامل مع الناس، وهذه الآية عطف على آية: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾، وكلتاهما تفصيل لقوله تعالى ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ (١٧٨)، وقد تقدم مثل هذه الآية في الكلام على قوم موسى (الآية ١٥٩)، وهذه الآية أعمّ إذ تشمل الناس قاطبة في كل الأزمنة والمجتمعات، وبعد البعثة الإسلامية تشمل الذين استجابوا لدعوة الإسلام وعملوا بموجبها.

﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ (١٨٢)

١٨٢ - بعد أن ذكر تعالى حال الأمّة الهادية العادلة، أعاد ذكر المكذّبين المذكورين آنفا في الآيات (١٧٦ - ١٧٧) لتفصيل كيفية إصرارهم على التكذيب: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ ولم تنفعهم هداية الهادين ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ لا يعلمون عاقبة أمرهم، والمعنى أنه تعالى يمهلهم لكي يتوبوا، ولا يعاجلهم بالعقوبة، وقد يغدق عليهم نعم الدنيا فيغترّوا بها وتلهيهم عن شكر المنعم، مع أن النعم مدعاة لشكره تعالى، ولكنهم يغفلون ويظنّون أن النعم محض استحقاق لهم بجدارتهم لا غير، ويسترسلون في ضلالهم من حيث لا يدرون عاقبة أمرهم، بسبب جهلهم سنن الله تعالى التي مضت في خلقه أن الحق يدمغ الباطل، والاستدراج بمعنى النزول درجة درجة، حتى إذا أخلدت الأمة، أو المرء، إلى الأرض واستغرقت في المعاصي صارت أسفل سافلين فيزول

<<  <  ج: ص:  >  >>