للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٨ - ﴿ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها﴾ ذلك أقرب أن يأتوا بالشهادة على وجهها الصحيح، لأنه إذا علم الشاهدان سلفا احتمال ردّ كذبهما، بيمين أولياء الميت، كانا أحرص على قول الحقيقة ﴿أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ﴾ في هذه الحالة يخافان أن تردّ الأيمان التي يحلفوها، بأيمان أولياء الميت، والضمير في ﴿أَيْمانِهِمْ﴾ عائد إلى أولياء الميت ﴿وَاِتَّقُوا اللهَ وَاِسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ﴾ اتقوا معصية الله واستجيبوا له طواعية، لأن سنته تعالى قد مضت بأن الهداية تكون بحرية الاختيار، وأنه تعالى لا يقسر العصاة على الهداية، وشبيه به قوله تعالى: ﴿وَاِحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ (٩٢).

﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾ (١٠٩)

١٠٩ - بعد أن فصّلت الآيات (١ - ١١) والآيات (٨٧ - ١٠٨) مواضيع العقود والطيبات والمحرمات والأحكام، كما بيّنت الآيات (١٢ - ٨٦) أحوال أهل الكتاب، وعدم استجابتهم للوحي، وهيمنة القرآن على كتبهم، تختم السورة بشهادة الرسل عليهم، وبالذات شهادة عيسى المسيح :

﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾ المغزى أن الناس سوف يحاسبون بحسب استجابتهم للرسل، فما على الرسل إلاّ البلاغ، والحساب على الله وحده، وأن الإحاطة بالعلوم من الظاهر والباطن والغيب خاص بعلاّم الغيوب، وذلك مغزى قول الرسل: ﴿لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ،﴾ ونظيره الآية (١١٧)، ومن مغزى الآية أيضا توبيخ الكفار بسؤال الرسل عن استجابة الكفرة لهم، لأن الرسالة وصلتهم فلم يستجيبوا.

﴿إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>