١١٠ - ﴿إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ انظر التأييد بروح القدس أيضا في آية [البقرة: ٢/ ٨٧]، وقيل إنّ روح القدس هو جبريل ﵇، الروح جبريل، والقدس هو الله تعالى، كأنه أضافه تعالى إلى نفسه تعظيما له ﴿تُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً﴾ كلام عيسى في المهد هو قوله ﴿قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ [مريم ١٩/ ٣٠]، ثمّ تكلم في الكهولة بما نزل عليه من الوحي بعد بعثه نبيا، والمعنى أن كلامه في المهد وفي الكهولة كلاهما معجز.
﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ تقدير الخطاب: علّمتك الكتاب بما اشتمل من الحكمة والتوراة والإنجيل، لأن المقصود بالكتاب جنس الكتب التي نزلت على الأنبياء، والحكمة هي العلم الصحيح الذي يبعث على العمل النافع، وقد بعث عيسى ﵇ إلى بني إسرائيل خاصة فأوتي الفقه في التوراة، والإنجيل الوحي الذي نزل عليه ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي﴾ وردت هذه المعجزة أيضا في آية [آل عمران: ٣/ ٤٩] ﴿وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي﴾ الأكمه المولود أعمى ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي﴾ ويلاحظ تكرار كلمة بإذني، للتأكيد على أن ذلك يتم بقدرته تعالى، وليس بمقدرة عيسى ﵇ ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ﴾ أي بعد أن جئت بني إسرائيل بالبينات من الوحي، ومن المعجزات الحسية التي اعتاد بنو إسرائيل وقوعها منذ بعثة موسى ﵇، فمنعتهم من الوصول إليك بأذى ﴿فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ فسّروا معجزات عيسى بالسحر، بسبب تصميمهم على الكفر وانغلاق فكرهم سلفا.