للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك تلقون عذاب الآخرة ﴿كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ المطلوب أن تفكّروا في المعجزة القرآنية كيف أنقذكم بها تعالى من العصبية الجاهلية والبغضاء والحروب الأهلية والموت على الجهالة وعذاب الدنيا والآخرة فلعلكم تتمسكون بنعمة الإسلام وتهتدون إلى طريق النجاة.

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١٠٤)

١٠٤ - ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ﴾ أيها المؤمنون ﴿أُمَّةٌ﴾ جماعة تكون أهلا لذلك ﴿يَدْعُونَ إِلَى﴾ عمل ﴿الْخَيْرِ﴾ وهو كل ما فيه صلاح للناس دينيا ودنيويا، والخير أيضا بمعناه العام هو الإسلام، ودعوة الغير إلى الإسلام والتبشير به في كافة أنحاء الأرض مطلوبة من كل مسلم، ويرى البعض أن كلمة ﴿مِنْكُمْ﴾ تعني بعض المسلمين فقط وهم العلماء والمتفقهين في الدين، وبذلك تكون الدعوة فرض كفاية، غير أنه يفترض أن يكون كل مسلم عالما بأمور دينه وبالقرآن والسنة، ولا يعتبر جهل المسلم عذرا، لأن عليه أن يتدارك جهله بالعلم، وإن لم يصل إلى درجة العلماء والمتفقهين في الدين، إلا أن يكون من العوام، وفي جميع الأحوال لا يصحّ أن يتصدى للدعوة إلا من كان أهلا لها ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ وذلك بحكم كون المسلمين أمة وسطا وشهداء على الناس [البقرة: ٢/ ١٤٣] فهم قدوة حسنة للآخرين، كما هم قدوة بعضهم لبعض في سلوكهم ومعاملاتهم، فالمطلوب من الأمة أن تكون قدوة حسنة للناس أجمعين في أعمالها وسلوكها فتحقق العقيدة الإسلامية قولا وعملا بممارسات حياتية فعلية تكون في ذاتها دعوة عملية للناس إلى الإسلام، وتكون حياة المسلمين شهادة فعلية لبيان الصواب من الخطأ، وليس بالمجابهة، ولا بالكلام فقط ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ لأنهم ينجحون في الدنيا والآخرة، وإذا تخلّوا عن ذلك كانت الأمة من الخاسرين في الدنيا قبل الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>