للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وأنّ آيات الله من القوة والإعجاز بحيث يستحيل على الرسول - أو من قبله من الرسل - أن يأتي بها من عنده: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ﴾ (٧٨) فمن يحاول إقناع نفسه ببطلان الوحي أو بطلان المسؤولية أو التشكيك بالعدالة يخسر نفسه: ﴿فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (٧٨)،

ثم تختم السورة بالتذكير ببعض نعمه تعالى في الأرض ممّا يبهر العقول: ﴿اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ﴾ (٧٩ - ٨١)،

وتحثّ الإنسان على الاعتبار بمصير الحضارات البائدة التي لم تنفعها قوّتها، بل أضرّت بها نظرتها المادية المحضة للحياة: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (٨٢)،

فعندما استخفّت بالرسل وبالوحي، وداخلها الغرور والكبرياء بانجازاتها (الفكرية والمادية)، حلّت بها في النتيجة عاقبة ما كانت تنكره من الوحدانية والحساب: ﴿فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ (٨٣)،

فتنهار الحضارات، وتتفكك المجتمعات، وتحل الكوارث بنتيجة الاسترسال في إنكار القيم الروحية والإعراض عن الوحي الإلهي، وبعد فوات الأوان يتبين للمستكبرين زيف العقائد التي طالما خدعوا أنفسهم بها وظنّهم في مقدرتهم (الفائقة) في السيطرة على مقدّراتهم وعلى الطبيعة وعلى الكون بلا حدود:

﴿فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤)﴾،

<<  <  ج: ص:  >  >>