بعد أن ختمت سورة الفاتحة بدعاء الهداية: ﴿اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة ١/ ٦]، يستمر الخطاب في سورة البقرة بقوله تعالى مبينا طريق الهداية: ﴿الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢/ ١ - ٢]، ثم قوله: ﴿أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٢/ ٥].
وفي سورة الفاتحة قوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ١/ ٧]، ثم تبين سورة البقرة أنّ من المغضوب عليهم اليهود: ﴿بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ [البقرة: ٢/ ٩٠].
وقد تكررت الإشارة إلى غضبه تعالى عليهم في سور أخرى كما في آيات [الأعراف: ٧/ ١٥٢]، و [طه: ٢٠/ ٨٦]، و [المجادلة: ٥٨/ ١٤]، و [الممتحنة: ٦٠/ ١٣]، وهنا تفصّل آيات [البقرة: ٢/ ٤٠ - ١٠٥] أحوال بني إسرائيل وجرائمهم وتدعوهم إلى الإسلام.
[محور سورة البقرة]
تصف أحوال ثلاثة أصناف من الناس: المؤمنين، والمصرين على الكفر، والمنافقين (الآيات ١ - ٢٠)، وتحشد البراهين على صدق الوحي (الآيات ٢١ - ٢٩)، وتصف خلافة بني آدم في الأرض، وتفضيلهم بالعلم على سائر الخلق، وتقرر مكابدة الإنسان في الحياة الدنيا ضد عناصر الشر (الآيات ٣٠ - ٣٩).
وتدعو بني إسرائيل إلى الإسلام وتسرد تاريخهم وجرائمهم وعنادهم، وتدعوهم إلى ترجيح الآخرة على الدنيا بعدم تفضيل الأدنى على الخير (الآيات ٤٠ - ١٠٥).
وتنسخ الشرائع السابقة بشريعة الإسلام (الآيات ١٠٦ - ١٠٧)، وتدحض عقائد اليهود والنصارى (الآيات ١٠٨ - ١٤١)، وتحذّر المسلمين بأنّ اليهود والنصارى لا يقبلون منهم بأقل من اتباع ملّتهم (الآية ١٢٠).