٥٨ - ﴿قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي﴾ في قدرتي وإمكاني ﴿ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من الغيب - كما سيرد في الآية التالية -، أو من العذاب الذي تستعجلون، كالأمراض والشدائد والمصائب تنزل بكم حتى توقنوا ﴿لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ أي لأقررتم أنني رسول الله حقا، ولكن إقراركم سيكون إلجاء فلا تكون له قيمة حقيقية، وطلبكم جدير بمن هم في طفولة عقلية، في حين أن الإسلام مبني على الحجة والبرهان والعقل، والقرآن معجزة الإسلام الخالدة لكل الناس بكل العصور، فما الفائدة من معجزة مؤقتة تقتنع بها قريش في وقت من الأوقات؟ ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظّالِمِينَ﴾ من حيث إمهالهم لما فيه من الحكمة ومصلحة العباد، أو من حيث توقيت العقاب الذي ينزل بهم بحسب سننه تعالى في خلقه.
٥٩ - ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ﴾ استمرار الخطاب من الآية السابقة، أي: ما عندي ما تستعجلون به والله أعلم بالظالمين، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو، أي إنّ النبي وغيره من البشر لا يعلمون الغيب من حيث عقاب الظالمين وتوقيت العقاب والحكمة من إمهال الكفار وما يترتب عليها، والغيب لا يعلمه إلاّ الله أما الإنسان فلا يستطيع إدراكه ولا إدراك كنهه ولا الحكمة من الكثير من الأمور ﴿وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ من علم الشهادة - المقابل لعلم الغيب المذكور آنفا - ولو أن الكثير من عالم الشهادة غائب عن علم أكثر الخلق ﴿وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ﴾ كناية عن علمه القديم المحيط بالمجملات وبالدقائق.