﴿وأن آيات الخلق تشير إلى وجود الخالق وإلى وجود مغزى من الحياة ومن ثمّ البعث: ﴿وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ﴾ (٢٩)، انظر آية [الطلاق / ١٢٦٥]، وما بها من إشارة إلى تعدد الخلق في الأكوان،
ومن ذلك أن الإنسان يحصد نتيجة عمله السيئ فيلقاه إن في الدنيا أو في الآخرة، وأنه تعالى يعفو عن الكثير من العصاة فلا يعاجلهم: ﴿وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ (٣٠)،
وهو محيط بهم لا يفوته منهم شيء: ﴿وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ (٣١)،
والآيات محيطة بهم من كل جانب ليدّبروا، فهنالك السفن الجارية بفعل الرياح: ﴿وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ﴾ (٣٢)،
فإذا سكنت الريح ظلّت السفن راكدة بلا حراك: ﴿إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾ (٣٣)،
وقد يهلكها تعالى بمن فيها بالريح العاصفة، وبما كسب أهلها من الذنوب، مع سبق عفوه تعالى عن الكثير من ذنوبهم: ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ﴾ (٣٤)،
أما المصرّون منهم فمصيرهم المحتوم إلى العذاب والدمار الروحي، فينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ (٣٥) أي إنهم يجادلون في مصداقية الوحي أو إمكانية حدوثه مطلقا أو في الوحدانية والبعث والحساب، ثم يوقنون بعد فوات الأوان أن لا مهرب لهم من الحقيقة.
وأنّ ما اغترّوا به من متاع الدنيا زائل، ويبقى للمؤمنين رضوان الله ونعيمه دائمين: ﴿فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦)﴾،