للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوثيقها وتوارثها وتوارث الخبرات عبر الأجيال حتى تصبح تراكمية تنتقل من ثقافة إلى أخرى ومن جيل لآخر فيتعلّم الإنسان ما لا يمكنه تحصيله بمفرده:

﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ﴾ (٤ - ٥)، وفي كل ذلك عودة إلى الأمر بالقراءة في الآية الأولى: ﴿اِقْرَأْ﴾،

﴿ومع ذلك ورغم تلك البداية المتواضعة لخلق الإنسان من علق، وما توصّل إليه من العلوم التي حباه تعالى بها من علوم دينية ودنيوية، فإنه يغتر بنفسه فتداخله الخيلاء والكبرياء بما توصل إليه من ثروة أو سلطان أو جاه أو إمكانات فيظن بنفسه الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن الوحي الإلهي: ﴿كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى﴾ (٦ - ٧)

بل يظنّ أن بإمكانه تسيير الأمور في دنياه بالمطلق، وفق هواه دون حساب ولا رقيب ولا مسؤولية أخلاقية تجاه سلطة عليا، غافلا عن يوم الحساب: ﴿إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى﴾ (٨)

بل يتمادى في اضطهاد غيره من المؤمنين وينكر للدين أي وظيفة مفيدة أو شرعية في تكوين المجتمع السليم، ولا يعير لعقيدة غيره أي تفكير أو احتمال أن يكون الطرف الآخر على الهدى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى﴾ (٩ - ١٢)

فهو يدّعي "العلمانية" ويتمسك بوهم أنّ الإنسان ليس بحاجة للهداية السماوية: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى﴾ (١٣)

بل يعتقد أن ليس من حساب أمام سلطة محيطة فوق البشر: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى﴾ (١٤)

فإن هو أصرّ على غيّه بلا توبة كانت نهايته الحتمية نتيجة طبيعية لإصراره على الكذب على نفسه: ﴿كَلاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ * ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>