للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ (١١٦)

١١٦ - ﴿إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ فيتصرف في خلقه وفق ما اقتضته حكمته الأزلية ﴿يُحْيِي﴾ من يشاء الهداية ﴿وَيُمِيتُ﴾ من يشاء الكفر، لأن الإحياء والإماتة بالمعنى المجازي، انظر [الأنعام ١٢٢/ ٦]، ولأن المعنى استمرار للآية السابقة ﴿وَما لَكُمْ﴾ أيها الكافرون ﴿مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾،

ونظير ذلك قوله جلّ ثناؤه: ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ [البقرة ٢٥٨٧/ ٢].

﴿لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ﴾ (١١٧)

١١٧ - الخطاب متعلق بالآية (١١١)، بأنّ المؤمنين الذين اشترى تعالى أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة، والمذكورة صفاتهم في الآية (١١٢)، فهذه الآية تبيّن أنّه تعالى لا يؤاخذهم بما صدر عنهم من هفوات وزلاّت:

﴿لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ﴾ قبل توبتهم، وشملهم بعطفه، وتجاوز عن هفواتهم، وعن اجتهادهم فيما لم يبيّنه الله تعالى لهم بيانا قطعيا، قال الألوسي إنّ ذكر النبي معهم في الخطاب يعتبر تشريفا وتعظيما لقدرهم، وأمّا الذنب بالنسبة إليه فهو من باب خلاف الأولى نظرا لمقامه الجليل، راجع شرح الآية (٤٣)﴾، ﴿الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ اتّبعوا النبي في وقت الشدّة والضيق، وقت غزوة تبوك، إذ كانت عسرة في الزاد عند انتهاء موسم الصيف، ونفاد المئونة من التمر وغيره، وأول فصل الخريف الذي بدأ فيه نضج الموسم الجديد ولم يحن وقت قطافه، وعسرة في التزوّد بالماء لبعد المسافة، وعسرة في الركوب فكان عدد منهم يتناوبون الركوب على الجمال، وعسرة في شدة الحر، وكان من عادة النبيّ عند الخروج للغزو أنّه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>