وتتالت الآيات وازداد الضغط على آل فرعون لعلهم يرجعون إلى معرفة الله وإلى الفطرة السليمة: ﴿وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٤٨)،
حتى أدركوا أنّ هنالك قوة خفيّة، لا يملكون معرفتها، تدعم موسى فنسبوها، لشدة ضلالهم، إلى ما اعتادوا عليه من السحر، وبعد أن تحملوا من العذاب فوق طاقتهم أذعنوا لموسى: ﴿وَقالُوا يا أَيُّهَا السّاحِرُ اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ﴾ (٤٩)،
وسرعان ما ارتكسوا إلى وثنيتهم لأن قناعتهم الفكرية والروحية برسالة موسى لم تكن جدية: ﴿فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ (٥٠)،
واستبدت بفرعون رغبته المحافظة على ملكه وسلطانه فجعل يستجدي الثقة ممّن حوله مشيرا إلى نظام الري الرائع الذي اشتهرت به مصر في عهده:
وقارن سلطانه ومركزه مع ضعف موسى ورسالته التي لم تبد مقنعة له: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ﴾ (٥٢)،
فأين فرعون وكنوزه وترفه من فقر موسى الذي لا يملك شيئا، وأين الملائكة لتشهد على صدق رسالته: ﴿فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣)﴾،