للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، وراسيات أي القدور ثابتات على الأثافي أي الركائز التي تحتها ﴿اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً﴾ لأن شكر النعم لا يكون بمجرّد القول بل بالعمل النافع ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ حتى المتّقون منهم، لا يستطيعون أن يشكروا الله حقّ الشكر على نعمائه.

﴿فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ﴾ (١٤)

١٤ - ﴿فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾ المنسأة العصا، والقصة تفيد أن سليمان كان متكئا على العصا عندما حان أجله، فلم يخرّ على الأرض إلاّ بعد أن أكلت قوارض الأرض عصاه، وعندئذ فقط علمت الجنّ بوفاته، بعد أن كانت تعمل بأمره وتحت ناظره، وقد تكون هذه القصة رمزية كغيرها من بعض القصص القرآنية، والعبرة منها توضح ضعف الإنسان وتدبيره بغض النظر عمّا كان يظن في نفسه من قوة وجبروت وهو في أفضل حالاته من القوة والسلطة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية توضح أن علم الغيب ممتنع حتى على الجنّ، ومن ثمّ فإن جميع المخلوقات معتمدة بالكلية على الهدي الإلهي ولا تكفيها العلوم الدنيوية مهما تقدّمت ﴿فَلَمّا خَرَّ﴾ سقط سليمان على الأرض ميتا ﴿تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ﴾ لو علموا ما هو خارج عالم المشاهدة، لعلموا أن سليمان قد توفّي في حينه ﴿ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ﴾ فقد استمرّوا بالعمل وسليمان قد مات.

﴿لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاُشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (١٥)

١٥ - اتصال هذه الآية مع قوله تعالى بالآية (١٣)﴾: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ أي حتى المتّقين منهم، لأنّ أهالي سبأ، على النقيض من الشكر، جحدوا النعم: إذ كانت مملكة سبأ الواقعة في جنوب غرب الجزيرة العربية في أوج ازدهارها في الألف الأول قبل الميلاد مكوّنة من اليمن وجزء كبير من

<<  <  ج: ص:  >  >>