سبيل ذلك ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ﴾ لا يستطيعون السفر في البلاد طلبا للرزق لأنهم كرّسوا أنفسهم وأوقاتهم للجهاد ممّا يمنعهم من الاشتغال بالكسب والتجارة ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ الجاهل بحالهم يحسبهم أغنياء، لأنهم لا يسألون أحدا ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ﴾ السمة هي العلامة، والمعنى أنّ أثر الجهد والفقر والحاجة ظاهر عليهم، لا يخفى على فراسة المؤمن ﴿لا يَسْئَلُونَ النّاسَ إِلْحافاً﴾ السائل الملحف هو اللحوح الذي يستخرج المال من غيره بكثرة إلحاحه وتلطّفه، والمعنى أنهم لا يسألون الناس، وإذا سألوا عن ضروة لم يلحّوا، لأنّ السؤال محرّم لغير ضرورة ﴿وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ فيثيبكم عليه.
٢٧٤ - ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ هذه الآية عامة في الذين ينفقون الصدقات في جميع الأوقات وجميع الحالات، كلّما ظهرت لهم حاجة محتاج أنفقوا عليها دون انتظار موسم أو وقت معيّن ﴿وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ لا خوف عليهم من أهوال القيامة ولا يحزنون لفراق الدنيا وما خلّفوه وراءهم.
٢٧٥ - هنالك علاقة مباشرة بين موضوع الربا في هذه الآية، وموضوع الصدقات الذي سبق، لأنّ أحدهما نقيض الآخر، فالصدقة هي إنفاق المال دون توقّع أي مردود دنيوي، في حين أنّ الربا هدفه تحصيل المال دون بذل أي مجهود