للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿ويسّره ليختار سبيل الخير من الشر، والتيسير يدخل فيه التقدير - الآية السابقة - والعقل والتعلّم وبعث الأنبياء وإنزال الوحي: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ (٢٠)

كما قدّر أن يكون لبثه في الدنيا قليلا حتى يصير إلى القبر: ﴿ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ (٢١)

إلى أن يصير وقت البعث والنشور: ﴿ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ﴾ (٢٢)

وفي تلك المرحلة الدنيوية من حياته لم يكن الإنسان جديرا بالاستفادة من ملكة العقل التي منحها له الله ولا الفطرة السليمة التي غرسها فيه، إذ لا يخلو إنسان من تقصير: ﴿كَلاّ لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ﴾ (٢٣)

وإن كان الإنسان يظنّ أنه مستغن عن العناية الإلهية ومكتف بحوله وقوّته فلينظر في أبسط الأمور كطعامه مثلا من أين يأتي: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ﴾ (٢٤)

ولينظر في معجزة إحياء الأرض الميتة بنزول المطر عليها وإنبات الزرع والحبوب وأنواع الطعام والفواكه وما في ذلك من دليل على حتمية البعث والنشور بعد الموت: ﴿أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدائِقَ غُلْباً * وَفاكِهَةً وَأَبًّا * مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ﴾ (٢٥ - ٣٢) وقالوا إن (الأبّ) هي الفاكهة التي يجري تيبيسها، لأنها تؤبّ للشتاء أي تعدّ له، ﴿وَحَدائِقَ غُلْباً﴾ أي كثيفة.

فليكن الإنسان إذن على يقين من مجيء يوم القيامة حيث ينشغل كل امريء بنفسه: ﴿فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ (٣٣ - ٣٧)

ثم يوم الحساب يكون الناس أحد صنفين: صنف الضاحكين المستبشرين:

﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ﴾ (٣٨ - ٣٩)

وصنف الكالحين من الكفار: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ * تَرْهَقُها قَتَرَةٌ * أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ (٤٠ - ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>