للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاُغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (٧٣)

٧٣ - بعد أن بيّن تعالى جهالات الكفار والمنافقين ومساوئ صفاتهم (الآيات ٤٢ - ٧٠)، أوضح في هذه الآية طريقة التعامل معهم:

﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ الأمر للنبي ، وهو بالتالي لكل مسلم ﴿جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ﴾ المقصود بالجهاد المعنى العام للكلمة، لأن الجهاد عبارة عن بذل الجهد، ومفهومه أوسع من المعنى الضيق للقتال وليس مقتصرا عليه، والآية توجب الجهاد مع فريقي الكفار والمنافقين معا، ولما كان قتال المنافقين غير جائز لأن الحكم يبنى على الظاهر، وهم يظهرون الإسلام وينكرون الكفر، فيكون المقصود أن يكون جهاد الكفار والمنافقين بالحجة والفكر والإقناع، وأما قتال الكفار فقد يضطر إليه المؤمنون بشروطه، كما ذكر في آيات [الأنفال ٥٥/ ٨ - ٥٨]، و [التوبة ٢٩/ ٩، ٥]، ﴿وَاُغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ فلا تتوصّل معهم إلى حلول وسط في أمور العقيدة ﴿وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ إن لم يؤمنوا ويتوبوا.

﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ (٧٤)

٧٤ - ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا﴾ خطأ ﴿وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ قالوا ما هو بمنزلة الكفر، مثل طعنهم في الرسول وقولهم هو أذن (الآية ٦١)، ولمزهم له (الآية ٥٨)، ﴿وَكَفَرُوا﴾ بالتشكيك في النبوّة، وبالحلف الكاذب (الآية ٤٢)، ﴿بَعْدَ إِسْلامِهِمْ﴾ بعد ادّعائهم الإسلام ﴿وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا﴾ من الإيقاع بالنبي وبالمسلمين، حتى تآمروا على اغتيال النبي في طريق عودته من تبوك، ويحتمل المعنى أيضا أنّهم بدخولهم الإسلام وهم في شك من النبوّة وفي ريبهم يترددون بين الإسلام وبين إنكار الوحي (الآية ٤٥)، فلم ينالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>