للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمن النسبي في مفهومنا البشري الدنيوي، أما في خلود الآخرة فيصبح الزمن بلا معنى، وبعبارة أخرى أن الزمن الدنيوي ذو حقيقة ظاهرية فقط،

﴿ومن ثمّ يصبح التساؤل عن موعد نزول العقاب بالكفار بلا معنى أيضا، وهو سبب الأمر بالصبر: ﴿فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً﴾ (٥ - ٦) أي في مفهومهم لزمن الدنيا

﴿وَنَراهُ قَرِيباً﴾ (٧) في الحقيقة،

قال الرازي: معنى عروج الملائكة والروح إليه سبحانه أنّ جميع الأمور تصير إلى مراده، وهو كقوله: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ (هود ١٢٣/ ١١).

وفي ذلك اليوم يتغير الكون الذي نعرفه: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ﴾ (٨) أي كالفلز المذاب،

﴿وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ﴾ (٩) كالصوف المنفوش، والمعنى كقوله تعالى:

﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ﴾ (إبراهيم ٤٨/ ١٤)،

ولهول الموقف ينشغل كل امريء بنفسه: ﴿وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً﴾ (١٠)،

حتى يبصر الحميم الحميم ويعرفه ولكن لانشغاله بنفسه لا يسأله عن شأنه، ويودّ المجرم أن يفدي نفسه بعشيرته: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾ (١١ - ١٤)،

فلا يجد لنفسه فداء من العذاب: ﴿كَلاّ إِنَّها لَظى * نَزّاعَةً لِلشَّوى﴾ (١٥ - ١٦)

فقد سبق له أن أدار ظهره للوحي وتولّى عن الصواب: ﴿تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلّى (١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>