للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (٤٦)

٤٦ - بعد أن قال الساقي فأرسلوني: أرسلوه إليه فأتاه فقال له: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ البالغ في الصدق قولا وعملا ﴿أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ﴾ أفتنا في رؤيا ذلك، وبيّن لنا مآله وحكمه: ﴿لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النّاسِ﴾ من أولي الأمر وأهل الحل والعقد فأخبرهم، وعلّق أمر رجوعه لأنه لا يدري ما يكون ﴿لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ تأويل الرؤيا.

﴿قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تَأْكُلُونَ﴾ (٤٧)

٤٧ - أجاب يوسف بتأويل الرؤيا وجعل إجابته في صيغة الوصية أو الأمر الموجه لأهل الحل والعقد بما يجب عليهم عمله: ﴿قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً﴾ عليكم بالزراعة الدؤوب - أي المستمرة - سبع سنين بلا انقطاع حيث سيكون الماء وفيرا بفيضان النيل، فالتأويل جاءهم به خبرا بمعنى الأمر، لقّنه للساقي، وهذا من بلاغة أسلوب وإيجاز القرآن، فهو قد أفادهم بما يجب عليهم عمله لتلافي ما دلت عليه الرؤيا من الخطر الداهم قبل وقوع تأويلها أو مآلها، والدليل على كون خطابه بمعنى الأمر قوله: ﴿فَما حَصَدْتُمْ﴾ في كل عام من الأعوام السبع ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ﴾ لئلا يفسد ويلحقه السوس، لأن بقاء الحبة في سنبلها يحفظها من الفساد ﴿إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تَأْكُلُونَ﴾ تستهلكونه للضرورة في كل سنة، مع الاقتصاد في الاستهلاك والاكتفاء بما يسد الرمق حرصا على ادخار المحاصيل للمستقبل، فهذه السنين السبع هي تأويل البقرات السبع السمان، وكل سنبلة من السنبلات السبع الخضر تأويل لمحصول سنة.

﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تُحْصِنُونَ﴾ (٤٨)

٤٨ - ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ﴾ أي من بعد السنين السبع ذات الخير الوفير ﴿سَبْعٌ شِدادٌ﴾ سبع سنوات من القحط والجدب تشح خلالها مياه النيل فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>