كتابهم إلاّ ما تتمنّاه قلوبهم، يقبلون ما يقال لهم على علاّته، كزعمهم أن لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ﴿وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ﴾ ليس عندهم من العلم اليقيني سوى أنهم يقلّدون ويتّبعون الدين الذي ابتكره أحبارهم، وإن كان لا يمتّ إلى شرع موسى بأية صلة ممّا جعلهم يعيشون في فردوس خاص بهم مبني على الأوهام الخادعة بأنهم الشعب المختار، متعلّقين بالآمال الزائفة بشفاعة الأنبياء لهم.
٧٩ - ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ هم الأحبار الذين حرّروا الكتب اليهودية المقدسة وزعموا أنها كلام الله المنزل، والدليل أن العهد القديم ومن ضمنه التوراة التي بين أيدينا اليوم أكثرها من كتابتهم، بلا جدال، ويعود تاريخ تحريرها إلى عدة قرون من الزمن بعد موسى، وليس فيها من بقايا الوحي إلا القليل، وهذا ينطبق على جميع كتبهم وأسفارهم التي يزعمون أنها مقدّسة، وهي زاخرة بقصص الخرافات، والعنصرية البشعة، والمنكرات والموبقات، ممّا ينسبونه إلى أنبيائهم قبل عوامهم، ولا يعقل أن يكون وحيا، وأضافوا عليها قصص تاريخهم القومي، وتشريعات إباحية من عندهم ضد الأغيار، ﴿لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ الثمن القليل هو زعامتهم الدنيوية وأغراضهم المادية التي أرادوا الحفاظ عليها عن طريق غش الآخرين ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ من الزيف ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَكْسِبُونَ﴾ ما يكسبون بنتيجة الزيف.
وهذه الآية من قبيل إخبار النبي ﷺ والمسلمين بالغيب، لأنه لم يكن بوسع النبي ﷺ ولا المسلمين في عصره أن يعلموا من تلقاء أنفسهم أن كتب اليهود مزيفة.