للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٥ - ﴿وَما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى﴾ أي لم يؤمنوا بسبب طبيعتهم الجدلية المشار إليها، بالرغم من بعث الرسل إليهم بالهداية ﴿وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ﴾ بالتوبة ﴿إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ فهل ينتظرون نزول العذاب بهم؟ كما حدث لأسلافهم من الأمم البائدة ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً﴾ وجها لوجه، فعندئذ لا يكون لإيمانهم قيمة أخلاقية،

﴿وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاِتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً﴾ (٥٦)

٥٦ - ﴿وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ بلا إكراه ﴿وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ﴾ بما صمّمت عليه عقولهم من الباطل، وما انطوت عليه نفوسهم من طبيعة الجدال ﴿لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ الذي جاءت به الرسل ﴿وَاِتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً﴾ تهرّبا من المنطق السليم، ومن مسؤولياتهم الأخلاقية،

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً﴾ (٥٧)

٥٧ - ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ﴾ لأن الموضوع ليس سوى ذكرى لما وقر في الإنسان من إقراره بربوبية الله وحده ﴿فَأَعْرَضَ عَنْها﴾ عن الذكرى ﴿وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ﴾ من الشرور ﴿إِنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾ أغطية معنوية ﴿أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ لئلاّ يفقهوه ﴿وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً﴾ ثقلا، فلا يسمعوا الموعظة ﴿وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً﴾ لسوء استعدادهم وسوء جبلّتهم، وإصرارهم على الضلال،

﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>