﴿والمصرّون منهم يحاولون أن يستخفوا من العذاب المقيم حين يعرضون عليه، في حين يرى المؤمنون تحقق الخسران ليس للظالمين الطغاة فقط وإنما لأتباعهم - أهليهم - أيضا: ﴿وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ﴾ (٤٥)،
فلا يكون بمقدرة الطغاة نصرة أنفسهم، ناهيك عن نصرة أتباعهم: ﴿وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ فمن يختار الكفر والطغيان يخليه الله لنفسه فلا يمنحه الهداية: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ﴾ (٤٦)،
والعاقل يستجيب لربّه قبل الفوات، على النقيض ممّن يظلم نفسه فلا ينفعه في الآخرة إنكار ما قدّمت يداه: ﴿اِسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ﴾ (٤٧)،
لكن الرسول ليس حفيظا على المعرضين الذين جعلوا مادية الدنيا مبلغ همّهم ومبتغاهم، فما على الرسول إلا البلاغ: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ﴾ (٤٨)،
وأن الإنسان يطغى عند حصول النعم فينسب حصولها إلى مهارته وذكائه، أما إذا أصابه البلاء فيكفر ويشكك بالعدالة الإلهية ناسيا أن كل شيء يسير وفق السنن الإلهية وبعلاقة المسببات بأسبابها وبالتالي ما قدّمت يداه من سوء:
وأن الحكمة الإلهية من وهب ذرية الأناث أو الذكور أو كلاهما للبعض، أو جعل البعض الآخر عقيما، من أسباب السعادة أو عدمها، خافية على معظم الخلق: ﴿لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً﴾