للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤ - ﴿وَما لَهُمْ أَلاّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ﴾ أي وما لهم من الحسنات ما يدفع العذاب عنهم؟ ما داموا مصرّين على الكفر، وقد استنفذوا فرص التوبة، وأحبط الكفر أعمالهم ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ﴾ المسلمين ﴿عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ﴾ مجرّد كونهم من ذرية إبراهيم لا يخوّلهم ولاية البيت الحرام كما يدّعون ﴿إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ﴾ من الشرك دون غيرهم ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ أكثرهم لا يعلمون أن التقوى هي المعيار الوحيد، وليس السلالة والنسب والمفاخرة بالأجداد.

﴿وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ (٣٥)

٣٥ - وهذا سبب آخر استحقوا به العذاب: ﴿وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكاءً﴾ صفيرا ﴿وَتَصْدِيَةً﴾ تصفيقا يصدر عنه الصدى لغرض التشويش على المصلّين، أو تصفيقا لصدّ النبي والمسلمين عن الصلاة، والمغزى أن صلاتهم خالية من كل معنى وروحانية، بل أنهم قصدوا منها الشغب على صلاة غيرهم ﴿فَذُوقُوا الْعَذابَ﴾ عذاب الهزيمة الماحقة التي لحقت بهم في بدر، وقوله ذوقوا لأنها قليل في جنب ما هو أدهى منها وأمرّ ﴿بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ بنتيجة كفرهم، وبصدّهم الناس عن المسجد الحرام.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ (٣٦)

٣٦ - لم يكتفوا بصدّ الناس عن المسجد الحرام، ولا بالمكاء والتصدية، بل أنفقوا أموالهم أيضا في سبيل ذلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ ليصدّوا الناس عن الإسلام، وعن اتباع خاتم الأنبياء والرسل، وفي زمن البعثة أنفق كفار قريش من الأموال على جيوشهم في بدر وفي أحد والخندق، أما اليوم فإن المبشّرين من جند الكنيسة ينفقون الملايين لتنصير ضعاف العقول في إفريقية والهند وغيرهما، وينشئون لهذا الغرض المدارس والمؤسسات

<<  <  ج: ص:  >  >>