مما حدث في وقعتي بدر وأحد، نهاهم تعالى في هذه الآية عن شرّ آخر من شرور اليهود ومن اقتدى بهم من المشركين: وهو أكل الربا أضعافا مضاعفة، فقال عزّ من قائل:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً﴾ وهذا أول ما نزل في تحريم الربا، ثمّ آيات [البقرة: ٢/ ٢٧٥ - ٢٨١] في الربا نزلت بعدها، بل كانت آخر آيات الأحكام نزولا، والمراد من الربا أضعافا مضاعفة: تضاعف أصل القرض مع مرور الزمن بسبب الربا الفاحش، وهو ما يحدث في عصرنا بتطبيق الربا المركّب على المدين، وكانوا يسمّونه في الجاهلية ربا النسيئة، وهو أنه إذا عجز المدين عن سداد دينه وقت حلول الأجل فلصاحب المال أن يوافق على تأخير السداد لعام أو أعوام قادمة مقابل تضعيف أصل القرض، وهكذا فقد يستهلك المقرض ما يفوق إمكانات المدين بكثير فيؤدي به إلى الدمار ﴿وَاِتَّقُوا اللهَ﴾ في المحتاجين، فلا تحمّلوهم ما يؤدي بهم إلى الخراب ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أي تفلحون في دنياكم بالتراحم والتعاون والمحبة.
١٣١ - ﴿وَاِتَّقُوا النّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ﴾ كونوا متّقين في أمر تحريم الربا فلا تأكلوه، ويلاحظ أن هذه الآية جعلت أكل الربا قريبا من الكفر.
١٣٢ - ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ تأكيد على وجوب الطاعة لله والرسول، بعدما حدث في وقعة أحد من مخالفة الرماة لأوامر الرسول ﷺ.
١٣٣ - ﴿وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي بادروا إلى أسباب المغفرة مثل التوبة عن الآثام كالربا، والإقبال على البر كالصدقات، والمسارعة إلى ذلك أي