للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٤ - ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ فكيف تفوتكم هذه البديهية؟ لأن الله هو ربّ كل شيء، فكيف أتخذ ربّا غيره؟ ﴿وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها﴾ الشرك والباطل الذي تؤمنون به يعود بالضرر على صاحبه وحده، ولا يضيرني شيئا ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ الوزر هو الحمل الثقيل، وهو أيضا الإثم لأنه يثقل صاحبه، والمعنى أنه لا تحمل حاملة حمل أخرى، أو لا تأثم آثمة بإثم أخرى، وهو مبدأ المسؤولية الفردية في الإسلام بأن لا يحمل أحد ذنب غيره، لأنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن أوثانهم ترفع عنهم الضرر وتحمل عنهم أوزارهم فلا يعاقبهم الله تعالى عليها، أو أن بعضهم يستطيع أن يحمل إثم بعض، ومن جهة ثانية فقد اخترعت المسيحية فكرة «الخطيئة الأصلية» وابتدعوا أن المسيح افتدى واحتمل خطاياهم سلفا نيابة عنهم ﴿ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ﴾ فيحاسبكم كلاّ بعمله، وليس بعمل غيره ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ كتهافت إدعاء حمل الخطيئة نيابة عن الآخرين.

﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١٦٥)

١٦٥ - ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ﴾ تخلفون بعضكم بعضا في الأرض على مرّ العصور، فلا تدوم أمة على حالها ولا مجتمع ولا فرد، فتكون الأيام بينكم دولا، وترتفع أمم وتهبط أمم، وتندثر أمم ومجتمعات، كل ذلك بحسب السنن التي وضعها تعالى في خلقه ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ﴾ بالرزق والعلم والعقل والجاه وغيرها ﴿لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ﴾ الابتلاء هو الاختبار، فتكون مسؤولية كلّ مكلّف بحسب ما آتاه الله من درجات العلم أو الغنى أو المقدرة أو السلطة ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ﴾ لمن كفر النعمة، فيلاقي

<<  <  ج: ص:  >  >>